صيغة عقد استرداد حق متنازع فيه | شرح المادة 471 و 472 مدني: من هم الممنوعون من شراء الحقوق المتنازع فيها؟ (تحذير هام)

Law. Ebram Ashraf

 



صيغة عقد استرداد حق متنازع فيه | شرح المادة 471 و 472 مدني: من هم الممنوعون من شراء الحقوق المتنازع فيها؟ (تحذير هام)

في مقالنا السابق (رقم 8)، شرحنا "سلاح الاسترداد" (المادة 469 مدني)، وهو كيف يمكن للمدين أن يسترد "الحق المتنازع فيه" بالثمن الذي دُفع فيه.

ولكن، ماذا لو كان "مشتري" هذا الحق هو قاضٍ، أو محامي، أو موظف بالمحكمة؟

هنا، نحن لا نتحدث عن "استرداد"، بل نتحدث عن "بطلان مطلق". في "فن المرافعة"، نؤمن بأن نزاهة القضاء وأخلاقيات المهنة هي خط أحمر. القانون المصري كان حاسماً في هذه النقطة لمنع "المضاربة في القضايا" من جانب حُماتها.

هذا المقال هو "تحذير" يكشف عن الفئات الممنوعة قانوناً من شراء الحقوق المتنازع عليها.


الفلسفة وراء المنع: لماذا يتدخل القانون؟

المشرّع (القانون) وضع هذه المواد (471 و 472) لسبب جوهري: "حماية نزاهة القضاء ومنع استغلال النفوذ".

تخيل لو أن القاضي الذي ينظر قضيتك، قام (باسم مستعار) بشراء الحق الذي تنظر فيه قضيته! أو أن المحامي استغل ضعف موكله واشترى منه "القضية" بثمن بخس.

هذا لا يُسمى "تجارة"، بل "مضاربة في العدالة" (Trafficking in Litigation). ولذلك، جاءت نصوص القانون قاطعة وحاسمة.


"القائمة السوداء" الأولى: القضاة ومساعدوهم (المادة 471 مدني)

تنص المادة 471 من القانون المدني بوضوح على أنه لا يجوز للفئات التالية شراء الحقوق المتنازع فيها، وإلا كان العقد باطلاً:

  1. القضاة وأعضاء النيابة: لا يجوز لأي قاضٍ أو وكيل نيابة أن يشتري حقاً متنازعاً عليه يدخل في "نطاق اختصاص المحكمة" التي يباشر عمله فيها.

  2. كتبة المحاكم والمحضرون: لا يجوز لموظفي المحكمة (الكتبة) أو المحضرين أن يشتروا حقوقاً متنازعاً عليها في نطاق المحكمة التي يعملون بها.

  • ما هو البطلان هنا؟ "بطلان مطلق" (Absolute Nullity). هذا يعني أن العقد "ميت" (وُلد ميتاً) ولا يرتب أي أثر قانوني، حتى لو وافق البائع.


"القائمة السوداء" الثانية: المحامون (المادة 472 مدني)

هذه المادة هي "قلب" أخلاقيات مهنة المحاماة، وهي التي ذكرتها في عنوانك.

تنص المادة 472 مدني: "لا يجوز للمحامين أن يتعاملوا مع موكليهم في الحقوق المتنازع فيها إذا كانوا هم الذين يتولون الدفاع عنها. ويسري البطلان سواء كان التعامل باسمهم أو باسم مستعار."

  • التحليل بأسلوب "فن المرافعة": هذا النص يمنع المحامي من "شراء" القضية من موكله.

  • لماذا؟ لسببين:

    1. تضارب المصالح (Conflict of Interest): المحامي الذي يشتري القضية يتحول من "مدافع" عن موكله إلى "صاحب مصلحة". قد يبيع القضية، أو يتصالح فيها بما لا يخدم مصلحة موكله الأصلية.

    2. استغلال الموكل: المحامي هو "الأمين" على القضية. هو يعرف نقاط ضعفها وقوتها. لو سُمح له بشرائها، فإنه سيستغل معرفته هذه لشراء القضية من موكله (الذي قد يكون يائساً أو محتاجاً للمال) "بثمن بخس".

  • تحذير هام: القانون كان ذكياً. البطلان يقع حتى لو تم الشراء "باسم مستعار" (مثلاً: المحامي يخلي زوجته أو أخوه هو اللي يشتري الحق).


ما الفرق بين "الاسترداد" (مادة 469) و"البطلان" (مادة 471 و 472)؟

هذه هي النقطة التي يجب أن يفهمها كل محامٍ ومتقاضٍ:

  • الاسترداد (مادة 469):

    • المشتري: شخص عادي (ليس قاضياً أو محامياً للقضية).

    • العقد: العقد "صحيح" ونافذ.

    • الحل القانوني: المدين من حقه "استرداد" الحق (يخرّج المشتري) مقابل دفع "الثمن + المصاريف".

  • البطلان (مادة 471 و 472):

    • المشتري: شخص من "القائمة السوداء" (قاضي، محضر، أو محامي القضية).

    • العقد: العقد "باطل بطلاناً مطلقاً".

    • الحل القانوني: لا نحتاج "لاسترداد" أصلاً. العقد "كأنه لم يكن". يتم "التمسك بالبطلان" أمام المحكمة، ويبقى الحق كما هو مع البائع الأصلي.


خلاصة "فن المرافعة"

المقالة التي أرسلتها (الصيغة) هي عن "الاسترداد" (مادة 469)، وهي إجراء "تصحيحي" لعقد صحيح.

أما العنوان الذي كتبته (مادة 472) فهو عن "البطلان"، وهو "عقوبة" لعقد فاسد من الأساس.

لا يمكنك استخدام "صيغة الاسترداد" في حالة "البطلان". فالبطلان لا يُصحح، بل يُتمسك به ليُقضى به. هذا المقال هو التحذير القانوني المكمل لمقالنا السابق.

(انتهت المقالة)

إرسال تعليق