صيغة عقد بيع الوكيل لنفسه: هل هو قانوني؟ احذر "كارثة" البطلان! (شرح المادة 479 و 5 ألغام قاتلة)
"أنا وكيل عن واحد في بيع عمارته، ولقيت إن سعرها مناسب ليّ أنا شخصياً... هعمل عقد أبيعها لنفسي وأدفع له الفلوس."
قف فوراً! أنت تدخل منطقة الخطر الأعلى في قانون الوكالة وتعرض العقد للبطلان. أهلاً بك في "فن المرافعة". "عقد بيع النائب (الوكيل) لنفسه ما نيط به بيعه"، مثل النموذج بالأسفل، هو واحد من "أخطر العقود وأكثرها عرضة للإبطال" في القانون المدني المصري.
هذا ليس بيعاً عادياً. إنه يمثل "تعارض مصالح" صارخاً. مهمتك كنائب هي تحقيق "أفضل مصلحة" لموكلك (البائع)، بينما مصلحتك كمشترٍ هي الحصول على "أفضل سعر" لنفسك. القانون يضع قيوداً صارمة جداً (خاصة المادة 479 مدني) لمنع استغلال الوكيل لموكله.
النماذج الجاهزة لهذا العقد هي "محاولات يائسة" للتحايل على القانون، وغالباً ما تكون "مصائد قاتلة". في هذا المقال، سنقوم بتشريح هذا العقد "شديد الخطورة"، وكشف أخطر 6 "ألغام" قانونية فيه، وعلى رأسها "قنبلة" قابلية العقد للإبطال.
أولاً: الكارثة القانونية الكبرى - "تعارض المصالح" وقابلية الإبطال (مادة 479 مدني)
لفهم خطورة العقد، يجب فهم هذه القاعدة القانونية الآمرة:
القاعدة (مادة 479 مدني ببساطة): لا يجوز للنائب (الوكيل) أن يتعاقد مع نفسه باسم الأصيل (الموكل)، سواء كان التعاقد لحسابه هو (كما في حالتنا) أو لحساب شخص آخر، دون ترخيص من الأصيل.
الترخيص (Authorization/Permission): هذا الترخيص يجب أن يكون "صريحاً" و"واضحاً" و"سابقاً" على التعاقد (يفضل أن يكون في صلب التوكيل نفسه)، أو على الأقل يجب أن يحصل النائب على "إجازة" (Ratification) لاحقة من الأصيل بعد علمه بكافة ظروف التعاقد.
النتيجة القانونية (مادة 481 مدني غالباً): إذا تم التعاقد دون ترخيص أو إجازة صحيحة، يكون العقد "قابلاً للإبطال" (Voidable) لمصلحة "الأصيل" (البائع/الطرف الأول). يعني من حق الأصيل (أو ورثته) أن يطلب من المحكمة إبطال هذا البيع واسترداد العقار. (البطلان هنا "نسبي" وليس "مطلقاً").
تطبيق على العقد الحالي (البند الأول والثاني) - محاولة تحايل ضعيفة!
البند الأول: يعترف صراحةً بأن البائع (الأصيل) يبيع لـ "نائبه" (الوكيل) الذي "يمثله" في العقد! (تناقض قانوني واضح، كيف يمثل البائع وهو يشتري لنفسه؟).
البند الثاني (محاولة الإجازة): "...ويعتبر له (للأصيل؟) إجازة لهذا العقد بعد إخباره بأن نائبه هو الطرف الثاني فيه وإحاطته بكل بنوده وتسليمه نسخته."
الكارثة: هذه "إجازة وهمية"! الإجازة الصحيحة تتطلب "علماً كاملاً" و"إرادة حرة" من الأصيل بعد وقوع التصرف. مجرد "إخباره" وتسليمه نسخة وقبضه للثمن (الذي قد لا يكون عادلاً!) لا يعتبر إجازة كافية قانوناً لو أثبت الأصيل أنه لم يكن يعلم بكل الحقائق أو أنه تعرض لضغط أو استغلال.
النتيجة (فن المرافعة): هذا العقد "شديد الهشاشة" قانوناً. يمكن للأصيل الطعن عليه بالإبطال بسهولة نسبياً أمام المحكمة.
أخطر 6 "ألغام" في هذا العقد (بافتراض محاولة تنفيذه!)
1. اللغم الأول (القنبلة النووية): "قابلية الإبطال" بسبب تعارض المصالح - أخطر لغم!
كما شرحنا: العقد بأكمله مهدد بالإبطال من الأصيل (البائع) ما لم يثبت النائب (المشتري) وجود "ترخيص صريح مسبق" أو "إجازة لاحقة صحيحة ومستنيرة".
2. اللغم الثاني: "الثمن" (البند الثاني) - هل هو عادل؟
الخطر (للبائع والأصيل): العقد يذكر ثمناً. لكن هل هو "الثمن العادل" أو "القيمة السوقية الحقيقية" للعقار؟ النائب (بسبب تعارض المصالح) قد يميل لتحديد ثمن "أقل" لنفسه.
الأهمية: لإثبات "صحة" الإجازة (لو حاول النائب الاعتماد عليها)، يجب أن يثبت أن الثمن كان "عادلاً" وأن الأصيل كان يعلم بذلك ووافق.
3. اللغم الثالث: "المعاينة النافية للجهالة" (البند الرابع) - بند عبثي!
البند بيقول: "يقر الطرف الثاني (النائب المشتري!) أنه عاين العقار معاينة تامة نافية للجهالة وليس له الرجوع... بسبب العيوب الخفية."
العبث القانوني (للطرفين): هذا البند "لا معنى له على الإطلاق" هنا!
الترجمة: النائب (الوكيل) هو الشخص المفترض أنه "الأكثر علماً" بالعقار لأنه هو المكلف ببيعه! كيف يقر بأنه "عاينه نافياً للجهالة" ويتنازل عن ضمان العيوب الخفية من موكله؟! هذا البند يبدو منقولاً حرفياً من عقد بيع عادي دون فهم لطبيعة الأطراف هنا. وجوده قد يثير المزيد من الشكوك حول صورية العقد.
4. اللغم الرابع (المفقود): "إثبات الترخيص أو الإجازة"
الخطر: العقد (بصيغته الحالية الضعيفة) لا يرفق به أي دليل على "الترخيص المسبق" أو لا ينص على عمل "عقد إجازة لاحق" ومستقل وموثق.
الحل: الطريقة القانونية السليمة (لو أصر الطرفان على هذه الصفقة الخطرة) هي:
الحصول على "ترخيص خاص وموثق" من الأصيل للنائب يسمح له بالشراء لنفسه (مع تحديد الثمن أو آلية تحديده).
أو، بعد توقيع هذا العقد (الذي يظل معلقاً)، يقوم الأصيل بعمل "عقد إقرار وإجازة موثق" يؤكد فيه علمه التام بالصفة المزدوجة للنائب وبكافة تفاصيل البيع وموافقته النهائية عليه.
5. اللغم الخامس (المفقود): "التسجيل"
الخطر: كالعادة، العقد لا يوضح آلية "التسجيل النهائي" للعقار باسم النائب المشتري.
6. اللغم السادس (المفقود): "المستندات التفصيلية"
الخطر: العقد يفتقر لوصف دقيق للعقار ومصدر ملكية البائع (البند الثالث مجرد إشارة عامة).
"فن المرافعة" يحذر بشدة:
"تعاقد النائب مع نفسه" هو منطقة "شديدة الخطورة" قانوناً وأخلاقياً. لا تقدم عليها أبداً (كنائب أو كأصيل) إلا بعد الحصول على "استشارة قانونية متخصصة ومستقلة" لكل طرف، والتأكد من استيفاء شروط "الترخيص الصريح المسبق" أو "الإجازة اللاحقة المستنيرة" بشكل لا يقبل الشك، وبـ "ثمن عادل" لا شبهة فيه. النماذج الجاهزة مثل هذا النموذج هي دعوة مباشرة للدخول في نزاعات قضائية وبطلان العقود.
نموذج صيغة عقد بيع النائب لنفسه (للتوضيح فقط - لا يُنصح باستخدامه أبداً!)
تحذير كارثي: هذا النموذج هو تجسيد لـ "تعارض المصالح" ويحتوي على "إجازة وهمية" (البند 2) وبنود "عبثية" (البند 4). "فن المرافعة" يحذر بشدة من استخدامه أو التوقيع عليه تحت أي ظرف دون استيفاء شروط الترخيص أو الإجازة القانونية الصحيحة والموثقة.
(نفس الصيغة التي قدمتها في السؤال، مع التأكيد على البنود الكارثية والمخاطر)
عقد بيع النائب لنفسه ما نيط به بيعه (نموذج كارثي - لا تستخدمه!) (يخضع للمادة 479 و 481 مدني وقابل للإبطال)
إنه في يوم………………. الموافق …/ …/ ….. تم تحرير هذا العقد بين كل من: السيد/ ………………. (طرف أول - بائع / الأصيل) السيد/ ………………. (طرف ثان - مشتري / النائب)
(البند الأول - المبيع والصفة المزدوجة - خطر!) باع الطرف الأول لنائبه الطرف الثاني والذي يمثله في هذا العقد... العقار رقم…. شارع…. (تعارض مصالح واضح).
(البند الثاني - الثمن والإجازة الوهمية - كارثة!) تم هذا البيع لقاء ثمن قدره (......... جنيه)... التزم الطرف الثاني بدفعه كاملاً للطرف الأول، ويعتبر له (للأصيل؟) إجازة لهذا العقد بعد إخباره بأن نائبه هو الطرف الثاني... وتسليمه نسخته. (إجازة ضعيفة جداً وغير كافية قانوناً).
(البند الثالث - الملكية) ... (يجب ذكر التفاصيل).
(البند الرابع - المعاينة النافية للجهالة - بند عبثي!) يقر الطرف الثاني (النائب المشتري!) أنه عاين العقار معاينة تامة نافية للجهالة وليس له الرجوع... بسبب العيوب الخفية. (بند لا معنى له).
(البند الخامس - ضمانات البائع) ... (البند السادس - التسليم) ... (يجب تحديد الموعد بدقة). (البنود 7، 8، 9 - الموطن، الاختصاص، النسخ) ...
(الطرف الأول - البائع) (الطرف الثاني - المشتري/النائب)
(يجب إضافة كارثة: الحصول على "ترخيص خاص مسبق وموثق" من الأصيل، أو عمل "عقد إجازة لاحق ومستقل وموثق" بعد علم الأصيل بكافة التفاصيل وبثمن عادل، إثبات عدالة الثمن، حذف بند المعاينة العبثي، إضافة آلية التسجيل، استشارة محاميين مستقلين لكل طرف قبل أي توقيع).
(انتهت المقالة)