صيغة عقد البيع (بالوزن/الكيل): احذر "كارثة" إسقاط ضمان الجودة! (5 ألغام قاتلة أخرى)
"هشتري 50 أردب قمح من مخزن التاجر ده... هنمضي العقد ده ونوزن بكرة ونخلص."
قف هنا! أنت تشتري "شرطاً" قبل أن تشتري قمحاً، والعقد قد يضيع حقك. أهلاً بك في "فن المرافعة". "عقد البيع بشرط الوزن أو الكيل" (Sale by Weight or Measure)، هو عقد شائع جداً في تجارة السلع السائبة (Bulk Goods)، ولكنه "شديد الخطورة" إذا لم تُصاغ بنوده بدقة متناهية.
هذا العقد ليس بيعاً نهائياً لحظة التوقيع. إنه بيع "معلق على شرط" وهو "تحديد المقدار الفعلي" للمبيع بالوزن أو الكيل. الملكية والمخاطر لا تنتقل إلا بعد هذا التحديد (الإفراز). لكن النماذج الجاهزة (مثل الصيغة بالأسفل) غالباً ما تكون "مصائد قانونية"، خاصة للمشتري.
في هذا المقال، سنقوم بتشريح هذا العقد "الحساس"، وكشف أخطر 6 "ألغام" قانونية فيه يجب أن يحذر منها كل تاجر أو مشترٍ قبل أن يوقع (ويخسر بضاعته أو فلوسه).
أولاً: كيف يعمل "البيع بالوزن أو الكيل"؟ (نقل الملكية بالإفراز)
الفكرة: أنت تشتري كمية محددة (50 أردب) من بضاعة أكبر غير محددة (كل القمح اللي في المخزن).
الشرط: البيع لا يتم ولا تنتقل الملكية إلا بعد "فرز" وتحديد الكمية المباعة بالضبط عن طريق الوزن أو الكيل ("الإفراز").
نقل الملكية والمخاطر: بمجرد "الإفراز" (تحديد الـ 50 أردب بتوعك وفصلهم عن الباقي)، تنتقل الملكية والمخاطر إليك كمشترٍ، حتى لو لم تستلم البضاعة فعلياً بعد (كما ناقشنا في مقالة 96).
أخطر 6 "ألغام" في هذا العقد
1. اللغم الأول (القنبلة النووية): "الاستلام = إقرار بالجودة!" (البند الثالث) - أخطر بند على الإطلاق!
البند بيقول: "... ويعتبر التسليم إقرارًا بتوافر درجة النظافة المتفق عليها." (درجة النظافة هنا تمثل "الجودة").
الكارثة القانونية (للمشتري): هذا البند هو "انتحار تعاقدي" و"إسقاط كامل" لحقك في ضمان الجودة الخفية!
الترجمة: بمجرد استلامك للقمح (بعد وزنه والتأكد من كميته)، وتوقيعك على الاستلام، البند ده بيقول إنك "أقرّيت" إن درجة نقاوته وجودته "تمام" ومطابقة للمتفق عليه (درجة ممتازة - حسب البند الأول).
السيناريو الكارثي: تستلم الـ 50 أردب، وتفحصهم ظاهرياً تلاقيهم كويسين. تمضي استلام. بعد يومين تكتشف إن القمح ده "مسوس" من الداخل، أو فيه "رطوبة عالية" هتخليه يبوظ بسرعة، أو مخلوط بمادة تانية (عيوب خفية لا تظهر بالفحص الظاهري السريع). هل تقدر ترجع على البائع؟ الإجابة: لا! البند ده بيقول إنك "أقرّيت" بالجودة بمجرد الاستلام، وبالتالي تنازلت عن حقك في "ضمان العيوب الخفية" المتعلقة بالجودة.
نصيحة "فن المرافعة": ارفض هذا البند تماماً! يجب النص صراحةً على احتفاظ المشتري بحقه في "ضمان العيوب الخفية" المتعلقة بجودة المبيع (وفقاً للمادة 447 مدني) حتى بعد الاستلام والفحص الظاهري، وتحديد "مدة معقولة" بعد الاستلام للإخطار بهذه العيوب.
2. اللغم الثاني: "ماذا لو الكمية مختلفة؟" (البند الأول والثاني) - غموض قاتل!
البنود بتقول:
(1): "...مع اعتبار هذا العدد (50 أردب) جوهريًا... فأن تبين أن المبيع يقل عن القدر المطلوب، كان شرط الكيل... غير محقق."
(2): يتم حساب الثمن الإجمالي على أساس 50 أردب... يُدفع جزء عند "تحقق الشرط بوجود القدر المطلوب"...
الكارثة القانونية (للطرفين): العقد بيقول إن "شرط الكيل غير محقق" لو الكمية أقل، لكنه لا يحدد بوضوح "ما هي النتيجة القانونية" لذلك!
هل العقد يُفسخ تلقائياً؟ (الأقرب للصحة بناءً على البند الثاني، لكنه لم يُذكر صراحةً كشرط فاسخ).
هل للمشتري الحق في "قبول الكمية الأقل" بسعر نسبي (Pro-rata)؟ (القانون يسمح بذلك عادةً ما لم يكن المقدار جوهرياً، لكن العقد هنا يعتبره جوهرياً!).
وماذا لو الكمية "أكثر" من 50 أردب؟ هل المشتري "ملزم" بأخذ الزيادة ودفع ثمنها؟ العقد ساكت تماماً!
نصيحة "فن المرافعة": يجب إضافة بند "واضح وقاطع" يحدد "حقوق الطرفين" في حالة النقص أو الزيادة عن الكمية المتفق عليها (حق الفسخ للمشتري في حالة النقص الجوهري؟ حق قبول الأقل بسعر نسبي؟ إلزام بأخذ الزيادة بسعر الوحدة أم لا؟).
3. اللغم الثالث (المفقود): "آلية الوزن/الكيل" - مين وإزاي؟
الخطر: العقد يلزم البائع بإجراء الكيل "بحضور" المشتري. لكن:
مين اللي هيقوم بالكيل فعلياً؟ (عمال البائع؟ طرف محايد؟).
باستخدام أي ميزان/مكيال؟ (هل هو معاير ودقيق؟).
مين هيتحمل تكلفة الكيل؟
ماذا لو اختلفوا على "دقة" الميزان أو طريقة الكيل؟ (البند الثالث بيحولك للتحكيم/الخبرة، وده بطيء ومكلف).
الحل: يجب تحديد "آلية الوزن/الكيل" بوضوح (المسئول، الجهاز المستخدم، مكان الكيل، تحمل التكاليف، طريقة حسم الخلاف حول الدقة).
4. اللغم الرابع (المفقود): "متى تنتقل المخاطر؟"
الخطر: العقد ساكت تماماً عن "متى" تنتقل "تبعة هلاك" البضاعة للمشتري. هل بمجرد "الكيل والإفراز" (حتى لو لسه في مخزن البائع)؟ أم عند "التسليم الفعلي" للمشتري؟
النتيجة (حسب القواعد العامة والإفراز): غالباً تنتقل المخاطر "بالإفراز". لو تم كيل الـ 50 أردب وفصلهم، وحصل حريق في المخزن "قبل" ما المشتري يستلمهم... المشتري هو اللي خسر البضاعة وملزم بدفع تمنها!
الحل: يجب النص "صراحةً" على أن تبعة الهلاك تنتقل للمشتري فقط عند "التسليم الفعلي" له أو لمن يمثله.
5. اللغم الخامس: "الفسخ التلقائي" للتأخير في التسليم (البند الخامس)
التحليل: هذا البند (يفسخ العقد تلقائياً لو البائع اتأخر في التسليم للمطابقة) هو "حماية جيدة" للمشتري.
ولكن: هل الفسخ هو الحل الوحيد؟ ماذا لو المشتري "موافق" على التأخير مقابل تعويض؟ العقد لا يعطي هذا الخيار.
6. اللغم السادس (المفقود): "ضمانات البائع الأخرى"
الخطر: العقد يفتقر لضمانات أساسية من البائع مثل:
ضمان الملكية: هل القمح ده ملك البائع فعلاً ومش مرهون أو محجوز عليه؟
ضمان الخلو من حقوق الغير.
الحل: يجب إضافة بنود الضمان الأساسية.
نموذج صيغة عقد بيع بشرط الوزن أو الكيل (للاسترشاد بعد فهم الكوارث!)
تحذير كارثي: هذا النموذج يحتوي على "قنبلة نووية" (البند 3) تسقط ضمان الجودة، ويتجاهل نقاطاً جوهرية (آلية الكيل، نتيجة اختلاف الكمية، نقل المخاطر). "فن المرافعة" ينصح بشدة بعدم استخدامه أبداً كما هو، بل بتعديله جذرياً بالاستعانة بخبراء قانونيين وتجاريين.
(نفس الصيغة التي قدمتها في السؤال، مع التأكيد على البنود الخطرة والمفقودة)
عقد بيع بشرط الوزن أو الكيل (نموذج كارثي للمشتري - لا يُنصح باستخدامه!)
إنه في يوم……………. الموافق…/ …/ …. تم تحرير هذا العقد بين كل من: السيد/ …………… (طرف أول - بائع) السيد/ …………… (طرف ثان - مشتري)
(البند الأول - المبيع والشرط - خطر غموض النتيجة!) باع الطرف الأول للطرف الثاني كمية القمح الموجودة بمخزنه، درجة نقاوتها (”ممتازة“)، والبالغ قدرها (خمسين أردبًا)، مع اعتبار هذا العدد جوهريًا... وتعهد الطرف الأول بإجراء الكيل... فأن تبين أن المبيع يقل عن القدر المطلوب، كان شرط الكيل... غير محقق. (ما هي النتيجة؟؟؟ وماذا لو زاد؟).
(البند الثاني - الثمن والدفع المشروط) تم هذا البيع لقاء ثمن (..... جنيه) للأردب الواحد، فيكون جملة الثمن (......... جنيه). يتعهد الطرف الثاني بدفع مبلغ (.........) عند تحقق الشرط بوجود القدر المطلوب، والباقي يتعهد بالوفاء به خلال (ثلاثة أشهر)...
(البند الثالث - التسليم وإسقاط ضمان الجودة - قنبلة نووية!!!) يلتزم الطرف الأول بتسليم المبيع فور تحقق شرط الكيل بدرجة النظافة المشار إليها... ويعتبر التسليم إقرارًا بتوافر درجة النظافة المتفق عليها. (بند كارثي يجب رفضه وتعديله جذرياً!).
(البند الرابع - العبوات) ... (البند الخامس - الفسخ لتأخير التسليم) يلتزم الطرف الأول بتسليم المبيع... للمطابقة... خلال (أسبوعين)... وإلا أصبح العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه...
(البند السادس - الموطن المختار) ... (البند السابع - الاختصاص القضائي) ... (البند الثامن - نسخ العقد) ...
(الطرف الأول - البائع) (الطرف الثاني - المشتري)
(يجب إضافة كارثة: تعديل جذري لبند إقرار الجودة (البند 3) ليشمل ضمان العيوب الخفية، تحديد نتيجة واضحة لزيادة أو نقص الكمية (البند 1 و 2)، تحديد آلية دقيقة للوزن/الكيل وفض النزاع حولها، تحديد وقت انتقال تبعة الهلاك (عند التسليم)، إضافة ضمانات الملكية والخلو من الحقوق، إضافة بند قوة قاهرة، استشارة محامٍ متخصص قبل أي توقيع).
(انتهت المقالة)