صيغة عقد بيع حق الرقبة : هل هو بيع حقيقي أم "وصية مستترة"؟ (شرح كارثة المادة 917 مدني)

عقد بيع حق الرقبة ما هو عقد بيع حق الرقبة صيغة عقد بيع حق الرقبة مع الاحتفاظ بحق الانتفاع عقد في الرقبة عقد بيع حق رقبة عقد بيع بحق الرقبه عقد بيع رقب
Law. Ebram Ashraf

 


صيغة عقد بيع حق الرقبة : هل هو بيع حقيقي أم "وصية مستترة"؟ (شرح كارثة المادة 917 مدني)

"عاوز أكتب البيت لابني وأضمن إني أفضل عايش فيه لحد ما أموت... هعمله 'عقد بيع حق الرقبة'."

قف هنا! أنت تلعب بالنار قانوناً. أهلاً بك في "فن المرافعة". "عقد بيع حق الرقبة" مع احتفاظ البائع بحق الانتفاع مدى الحياة هو أداة قانونية شائعة جداً لتحقيق هذا الهدف، ولكنه أيضاً "العقد الأكثر طعناً بالبطلان" أمام المحاكم المصرية، خاصة إذا كان المشتري أحد الورثة.

هذا العقد ليس مجرد "بيع"، بل هو غالباً ما يكون "ستاراً" لإخفاء "وصية" أو "هبة" تهدف للتحايل على قواعد الميراث الشرعية. القانون المصري (في المادة 917 مدني) وضع "قرينة قانونية" خطيرة جداً لكشف هذا التحايل وإبطاله.

النماذج الجاهزة لهذا العقد (مثل الصيغة بالأسفل) غالباً ما تتجاهل هذه المخاطر أو حتى تعززها. في هذا المقال، سنقوم بتشريح هذا العقد "المشبوه"، وكشف أخطر 6 "ألغام" قانونية فيه، وعلى رأسها "قنبلة" المادة 917.


أولاً: فك شفرة العقد - ما هي "الرقبة" وما هو "الانتفاع"؟

لفهم العقد، يجب فهم أن "الملكية الكاملة" للعقار يمكن تقسيمها قانوناً إلى جزأين:

  1. ملكية الرقبة (Bare Ownership): هي "جسم" العقار نفسه، الملكية "على الورق". صاحب الرقبة هو المالك القانوني، لكنه لا يستطيع استخدام العقار أو الانتفاع به طالما حق الانتفاع قائم لشخص آخر.

  2. حق الانتفاع (Usufruct): هو حق "الاستعمال والاستغلال" للعقار (السكن فيه، تأجيره...) لمدة معينة أو مدى حياة المنتفع.

في هذا العقد: البائع (الطرف الأول) يبيع "ملكية الرقبة" للمشتري (الطرف الثاني)، ولكنه يحتفظ لنفسه بـ "حق الانتفاع" مدى الحياة. الملكية الكاملة لا تجتمع للمشتري إلا بعد وفاة البائع.


اللغم الأول (القنبلة النووية): "قرينة الوصية" للمادة 917 مدني - أخطر لغم!

هذه هي "الكارثة" القانونية الأكبر التي تهدد هذا العقد (كما أشارت الملاحظة القانونية):

  • متى تنطبق القرينة؟ تنطبق إذا توفر شرطان مجتمعان:

    1. إذا كان التصرف (البيع) قد صدر من شخص (مورث) إلى "أحد ورثته" (ابن، بنت، زوجة...).

    2. إذا احتفظ المتصرف (البائع/المورث) "بحيازة" العين التي تصرف فيها، و"بحقه في الانتفاع بها" (سكن، إيجار...) مدى حياته.

  • ما هي القرينة؟ القانون هنا "يفترض" (Presumes) أن هذا "البيع" هو في حقيقته "وصية مستترة" تهدف للتحايل على الميراث.

  • النتيجة القانونية للقرينة: يُعامل هذا "البيع" كـ "وصية"، ويخضع لأحكام الوصية:

    • الوصية لوارث (الحالة الغالبة هنا): تكون "باطلة" إلا إذا "أجازها" (وافق عليها) باقي الورثة بعد وفاة المورث. لو رفضوا (وهو الغالب)، يُبطل العقد، ويرجع العقار ليقسم كميراث شرعي على الجميع.

  • عبء الإثبات (الأهم): مين اللي لازم يثبت العكس؟ "المشتري الوارث". هو الذي يقع عليه عبء إثبات أن البيع كان "حقيقياً وجدياً"، وأنه دفع "ثمناً فعلياً" من ماله الخاص، وأن نية أبيه (أو أمه) كانت "البيع" وليست "الوصية". وهذا عبء إثبات "شديد الصعوبة".

تطبيق على العقد الحالي:

  • البند الثاني: "احتفظ لنفسه بحق الانتفاع مدى حياته". (الشرط الثاني للقرينة متحقق).

  • البند الثالث: "للطرف الأول حيازة العقار المبيع والانتفاع به... فيما عدا التصرف". (يؤكد الشرط الثاني للقرينة).

  • إذا كان المشتري (الطرف الثاني) "وارثاً" للبائع (الطرف الأول): فإن قرينة المادة 917 تنطبق "بقوة القانون"، والعقد مهدد بالبطلان من باقي الورثة.


5 "ألغام" أخرى في العقد

2. اللغم الثاني: "الثمن" (البند الرابع) - هل هو حقيقي؟

البند بيقول: "تم هذا البيع بثمن قدره…… دفعه الطرف الثاني..."

  • الخطر (للمشتري الوارث): لإثبات أن البيع "حقيقي" (لدحض قرينة المادة 917)، يجب أن يكون الثمن المذكور:

    1. حقيقياً: تم دفعه فعلاً (ويفضل إثبات ذلك بوسائل دفع بنكية واضحة، وليس مجرد "نقداً بمجلس العقد").

    2. عادلاً: يتناسب مع "القيمة السوقية" لحق الرقبة وقت البيع (حق الرقبة قيمته أقل من الملكية الكاملة لأنه منزوع المنفعة). لو الثمن "صوري" أو "تافه"، فهذا يعزز قرينة الوصية.

  • الخطر (للبائع وباقي الورثة): لو الثمن غير حقيقي، فهذا قد يعتبر "تهرباً" من رسوم التسجيل أو الضرائب.

3. اللغم الثالث: "إسقاط ضمان العيوب الخفية" (البند السابع) - خطر للمشتري!

البند بيقول: "...وليس له الرجوع على الطرف الأول بأي عيب قد يظهر مستقبلاً."

  • الخطر (للمشتري): نفس "المقصلة" المعتادة. بتتنازل عن حقك في ضمان العيوب الخفية للعقار (مشاكل إنشائية، ...إلخ) التي قد تكتشفها بعد وفاة البائع واستلامك للملكية الكاملة.

4. اللغم الرابع: "توزيع التكاليف" (البند الخامس) - هل هو صحيح؟

البند بيقول:

  • البائع (المنتفع مدى الحياة): يتحمل "التكاليف المعتادة" (ضرائب، رسوم إدارة).

  • المشتري (مالك الرقبة): يتحمل "التكاليف غير المعتادة كالإصلاحات الجسيمة".

  • البائع (المنتفع): يدفع للمشتري "فوائد قانونية 4%" عن المبالغ التي أنفقها المشتري على الإصلاحات الجسيمة.

  • التحليل: هذا البند صحيح ويتفق مع نصوص القانون المدني (مادة 991 و 992) التي تنظم العلاقة بين مالك الرقبة والمنتفع بخصوص التكاليف. (على عكس عقد بيع الانتفاع رقم 79 الذي كان مخالفاً للقانون في هذه النقطة).

5. اللغم الخامس (المفقود): "مصدر الملكية" التفصيلي

  • الخطر: العقد (في البند الأول) يذكر أن البائع "يمتلك" العقار، لكنه لا يوضح "كيف" آلت إليه الملكية (مسجل؟ ميراث؟...). هذا يضعف العقد ويصعب التسجيل لاحقاً.

6. اللغم السادس (المفقود): "آلية التسجيل"

  • الخطر: العقد لم يذكر "بكلمة" التزام البائع (أو ورثته بعد وفاته!) بإتمام إجراءات "تسجيل حق الرقبة" باسم المشتري في الشهر العقاري.

  • النتيجة: بدون تسجيل، حق المشتري في الرقبة يظل "ضعيفاً" وعرضة للضياع لو قام البائع (أو ورثته) ببيع العقار مرة أخرى لشخص آخر وقام بالتسجيل.


نموذج صيغة عقد بيع حق الرقبة (للاسترشاد بعد فهم كارثة المادة 917!)

تحذير كارثي: هذا النموذج هو "المتهم الأول" بأنه "بيع ساتر لوصية" إذا كان المشتري وارثاً. "فن المرافعة" ينصح بشدة بعدم استخدامه للتحايل على الميراث، واللجوء للطرق الشرعية والقانونية السليمة (البيع الحقيقي بثمن عادل، الهبة المسجلة، الوصية في حدود الثلث لغير الوارث). استخدامه بين مورث ووارث يعرضه للبطلان.

(نفس الصيغة التي قدمتها في السؤال، مع التأكيد على البنود الخطرة وقرينة الوصية)

عقد بيع حق الرقبة (مع الاحتفاظ بحق الانتفاع مدى الحياة - نموذج مشبوه قانوناً لو المشتري وارث!)

إنه في يوم……………. الموافق…/ …/ …. تم تحرير هذا العقد بين كل من: السيد/ ……………. (طرف أول - بائع/ مالك الرقبة والمنتفع الحالي) السيد/ ……………. (طرف ثان - مشتري حق الرقبة)

(البند الأول - العقار) يمتلك الطرف الأول العقار رقم…. الكائن……. ملكية تامة. (يجب ذكر مصدر الملكية).

(البند الثاني - المبيع والاحتفاظ بالانتفاع - يفعّل قرينة 917 لو المشتري وارث!) باع الطرف الأول للطرف الثاني حق الرقبة فقط في العقار المبين... واحتفظ لنفسه بحق الانتفاع مدى حياته، على أن يؤول حق الانتفاع للطرف الثاني بعد وفاة الطرف الأول لتجتمع له الملكية الكاملة.

(البند الثالث - حقوق المنتفع (البائع) - يؤكد قرينة 917!) للطرف الأول (البائع) حيازة العقار المبيع والانتفاع به بكافة الأوجه... فيما عدا التصرف في الرقبة.

(البند الرابع - الثمن - يجب أن يكون حقيقياً وعادلاً!) تم هذا البيع بثمن قدره (…… جنيه)... دفعه الطرف الثاني بمجلس هذا العقد... (يجب توثيق الدفع بوسيلة واضحة).

(البند الخامس - توزيع التكاليف - صحيح قانوناً) يلتزم الطرف الأول (المنتفع) بالتكاليف المعتادة... إما التكاليف غير المعتادة كالإصلاحات الجسيمة فيتحملها الطرف الثاني (مالك الرقبة) على أن يتحمل الطرف الأول فوائدها القانونية...

(البند السادس - ضمانات البائع) ... (البند السابع - المعاينة وإسقاط ضمان العيوب - خطر للمشتري!) قام الطرف الثاني بمعاينة العقار... وليس له الرجوع... بأي عيب قد يظهر مستقبلاً. (بند مجحف).

(البند الثامن - الاختصاص القضائي) ... (البند التاسع - نسخ العقد) ...

(الطرف الأول - البائع) (الطرف الثاني - المشتري)


(يجب إضافة كارثة: فهم وتطبيق المادة 917 مدني لو المشتري وارث، إثبات دفع ثمن حقيقي وعادل، إضافة مصدر ملكية البائع، إضافة التزام صريح بالتسجيل وآليته، استشارة محامٍ متخصص قبل أي توقيع).

(انتهت المقالة)

إرسال تعليق