صيغة عقد بيع حق تأليف : احذر "كارثة" البند السابع! (7 ألغام قاتلة أخرى)
"لقيت ناشر عاوز يشتري 'حق تأليف' كتابي... همضي العقد ده وأضمن فلوسي."
قف فوراً! أنت تبيع إبداعك بثمن بخس وبشروط كارثية. أهلاً بك في "فن المرافعة". "عقد بيع حق تأليف"، خاصة بالصيغة القديمة المنتشرة (مثل النموذج بالأسفل الذي يستند لقانون ملغي)، هو واحد من "أخطر" العقود التي يمكن أن يوقعها مؤلف.
هذا العقد لا يبيع فقط "حقوقك المالية"، بل يبيعها بـ "غموض قاتل" وبشروط تفتقر لأبسط ضمانات الشفافية والعدالة. إنه ليس "بيعاً" بالمعنى الحقيقي غالباً، بل "ترخيص طباعة" بشروط مجحفة.
في هذا المقال، سنقوم بتشريح هذا العقد "المفخخ"، وكشف أخطر 8 "ألغام" قانونية وتجارية فيه، وعلى رأسها "الكارثة الحسابية" في البند السابع.
أولاً: القانون الحاكم - وداعاً لقانون 1954!
العقد يشير للقانون رقم 354 لسنة 1954. هذا القانون تم إلغاؤه! القانون الحالي الذي يحكم حقوق المؤلف في مصر هو "قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002". أي عقد يجب أن يستند للقانون الجديد، رغم أن المبادئ العامة (مثل أهمية وضوح الحقوق المالية والمدة) تظل قائمة.
ثانياً: الكارثة الأكبر - "بيع" أم "ترخيص بعدد نسخ"؟
العقد يسمي نفسه: "عقد بيع حق تأليف".
لكنه يحدد (البند الثالث): "...طبع ونشر عدد……….. نسخة..."
ويقيد المدة (البند الثامن): "...يلتزم الطرف الأول (المؤلف!) بعدم إعادة طبع المصنف خلال أجل أقصاه …/ …/ …" (وهذا يتناقض مع فكرة البيع الكامل).
الكارثة: نفس "الخلط القاتل" بين البيع والترخيص الذي ناقشناه في مقالة 75. هذا ليس "بيعاً" كاملاً لحق المؤلف، بل هو "ترخيص" لطبع عدد محدد من النسخ. تسميته "بيع" تضلل المؤلف وتفتح باباً للنزاعات حول نطاق الحقوق المنقولة. يجب تسميته بوضوح "عقد ترخيص نشر".
أخطر 8 "ألغام" في هذا العقد (بافتراض أنه ترخيص بعدد نسخ)
1. اللغم الأول (القنبلة النووية): "الحسبة المستحيلة" للأتعاب! (البند السابع) - أخطر بند على الإطلاق!
البند بيقول: "تم هذا البيع لقاء ثمن قدره…….., فقط……… وهو يمثل نسبة 35% من قسمة النسخ المعدة للتوزيع بواقع مبلغ…….. للنسخة الواحدة، دفع منه... مبلغ…….. عند التوقيع... والباقي يستحق..."
الكارثة القانونية والمالية (للمؤلف): هذا البند هو "لغز حسابي" مستحيل الفهم ومصمم لضياع حق المؤلف!
الترجمة المستحيلة:
"ثمن قدره...": هل هو مبلغ مقطوع نهائي؟
"وهو يمثل نسبة 35%": نسبة من ماذا بالضبط؟ من "قسمة النسخ المعدة للتوزيع"؟ ما هي هذه القسمة؟ هل هي (عدد النسخ × سعر النسخة)؟
"بواقع مبلغ... للنسخة الواحدة": هل هذا هو "سعر النسخة" الذي ستحسب عليه النسبة؟ أم هو "نصيب المؤلف" عن كل نسخة؟
"دفع منه... والباقي يستحق...": هذا يوحي بأنه "مبلغ مقطوع" تم تحديده مسبقاً، مما يتناقض مع فكرة النسبة!
النتيجة: لا يمكن لأي مؤلف (أو محامٍ!) أن يفهم كيف سيتم حساب مستحقاته بالضبط من هذا البند. هو يفتح باباً لانهائياً للتلاعب والخلاف.
نصيحة "فن المرافعة": ارفض هذا البند تماماً! يجب إعادة صياغته بالكامل ليكون واضحاً وقاطعاً (كما شرحنا في مقالة 75): إما "نسبة مئوية واضحة من سعر الغلاف لكل نسخة مباعة فعلياً مع آلية للتحقق"، أو "مبلغ مقطوع واضح مقابل عدد النسخ المتفق عليها".
2. اللغم الثاني: "رقابة الطباعة" (البند الرابع) - جيد ولكن!
البند بيقول: "للطرف الأول (المؤلف!) في أي وقت مفاجأة المطبعة... للوقوف على الكمية المطبوعة..."
التحليل: هذا البند "جيد نظرياً" لأنه يعطي المؤلف حق الرقابة لمنع الناشر من طباعة نسخ أكثر من المتفق عليها سراً.
ولكن (الصعوبة العملية): هل يستطيع المؤلف فعلاً "مفاجأة" المطبعة في أي وقت؟ هل لديه الخبرة الكافية لعد وفحص الكميات؟ هذا الحق يحتاج آلية تفعيل أوضح (مثل حق انتداب خبير).
الكارثة المكملة: البند يفرض عقوبات "قاسية جداً" (فسخ تلقائي، استيلاء على الزيادة، تعويض ضخم) قد تكون غير متناسبة ويصعب تطبيقها قضائياً إلا بإثبات قاطع.
3. اللغم الثالث: "مدة الحظر" و"مصير النسخ" (البند الثامن)
البند بيقول: "يلتزم الطرف الأول (المؤلف!) بعدم إعادة طبع المصنف خلال أجل أقصاه …/ …/ …. ويكون له الحق في ذلك بعد... ولو لم تكن الكمية... قد نفذت..."
الخطر (للمؤلف):
الخطأ في تحديد الطرف: البند يلزم "الطرف الأول" (الناشر!) بعدم إعادة الطبع، والمفروض أنه يلزم "المؤلف" (الطرف الثاني في العقد الأصلي). هذا خطأ كتابي كارثي.
مصير النسخ غير المباعة: البند يسمح للمؤلف بإعادة الطبع بنفسه بعد تاريخ معين "حتى لو" الناشر لسه عنده نسخ مباعتش. طب ومصير النسخ دي إيه؟ هل الناشر يكمل بيعها؟ هل المؤلف يسحبها؟ هل يدفع تعويض؟ العقد ساكت! ده "مصدر نزاع" مؤكد.
4. اللغم الرابع (المفقود): "التزامات الناشر التسويقية والتوزيعية"
الخطر: البند السادس يلزم الناشر بـ "الإنفاق على المصنف" و"التوزيع". لكن كيف وأين وبأي مجهود؟ العقد ساكت!
الحل: يجب إضافة بند يوضح "الحد الأدنى" لالتزامات الناشر التسويقية والتوزيعية (كما شرحنا في مقالة 75).
5. اللغم الخامس (المفقود): "حقوق المؤلف في الشكل النهائي"
الخطر: هل للمؤلف حق الموافقة على الغلاف؟ العنوان؟ السعر؟ التعديلات التحريرية؟ العقد ساكت!
الحل: يجب إضافة بنود تمنح المؤلف "حق المراجعة والموافقة".
6. اللغم السادس (المفقود): "تقارير المبيعات وحق المراجعة"
الخطر الأكبر (مرتبط باللغم الأول): حتى لو كانت هناك نسبة، كيف سيعرف المؤلف كم نسخة تم بيعها ومتى؟ العقد لا يلزم الناشر بتقديم أي "تقارير مبيعات" دورية، ولا يعطي المؤلف حق "مراجعة الدفاتر" (Audit Rights).
النتيجة: المؤلف تحت رحمة أمانة الناشر بالكامل.
7. اللغم السابع (المفقود): "الحقوق الأخرى" (ترجمة، إلكتروني...)
الخطر: العقد يتحدث عن "الكتاب" فقط (النسخة المطبوعة). ماذا عن حقوق النشر الإلكتروني (Ebook)؟ الحقوق الصوتية (Audiobook)؟ حقوق الترجمة؟ حقوق التحويل لأعمال أخرى (سينما...)؟
الحل: يجب أن ينص العقد "صراحةً" على أن الحقوق الممنوحة للناشر تقتصر على "حقوق الطبع والنشر الورقي لعدد .... نسخة باللغة العربية في جمهورية مصر العربية" (أو حسب الاتفاق)، وأن كافة الحقوق الأخرى تظل "خالصة للمؤلف".
8. اللغم الثامن (المفقود): "ضمانات المؤلف"
الخطر (للناشر): العقد (عكس عقد 75) لم يتضمن بنداً يقر فيه المؤلف بأن العمل "أصلي" ومن تأليفه وأنه "لا ينتهك حقوق الغير". غياب هذا البند يعرض الناشر لمخاطر قانونية.
نموذج صيغة عقد بيع حق تأليف (للاسترشاد بعد فهم الكوارث القاتلة!)
تحذير كارثي: هذا النموذج هو "مصيدة قانونية" للمؤلف ويفتقر لأبسط ضمانات حقوقه المالية والأدبية، ويستند لقانون ملغي. "فن المرافعة" ينصح بشدة بعدم استخدامه أبداً والاستعانة "حصرياً" بمحامٍ متخصص في "حقوق الملكية الفكرية والنشر" لصياغة عقد عادل ومتوازن وحديث.
(نفس الصيغة التي قدمتها في السؤال، مع التأكيد على البنود الكارثية والمفقودة)
عقد بيع حق تأليف (نموذج كارثي للمؤلف - لا يُنصح باستخدامه!)
إنه في يوم……………. الموافق…/ …/ …. تم الاتفاق بين كل من: السيد/ ……………. (طرف أول - ناشر) السيد/ ……………. (طرف ثان - مؤلف)
(البند الأول - المبيع - خطر الخلط!) باع الطرف الأول للطرف الثاني مؤلفه فى……. والمسمى……… (يجب تسميته ترخيص).
(البند الثاني - تسليم الأصول) ...
(البند الثالث - عدد النسخ) يلتزم الطرف الثاني (الناشر!) بطبع عدد (…….) نسخة... (خطأ في تحديد الطرف) ...لكل طرف منها مائة نسخة كهدايا...
(البند الرابع - رقابة الطباعة والعقوبات) للطرف الأول (المؤلف!) مفاجأة المطبعة... فإن تبين تجاوز العدد... اعتبر العقد مفسوخاً... وتحمل الطرف الثاني الإضرار... وكان للطرف الأول إيقاف الطباعة... أو الاستيلاء على الكميات الزائدة... (عقوبات قاسية تحتاج إثبات).
(البند الخامس - نطاق الترخيص) يقتصر هذا العقد على الكمية المحددة... ولا يجوز للطرف الثاني إعادة الطبع... وإلا كان للطرف الأول الرجوع عليه وفقا لأحكام القانون رقم 354 لسنة 1954... (قانون ملغي! يجب الاستناد للقانون 82 لسنة 2002).
(البند السادس - التزامات الناشر - غير كافية!) يلتزم الطرف الثاني بالإنفاق على المصنف... وشراء الورق... والتوزيع. (لا يوجد التزامات تسويقية واضحة).
(البند السابع - الثمن/النسبة - قنبلة نووية في الغموض!!!) تم هذا البيع لقاء ثمن قدره (……..,) وهو يمثل نسبة (35%) من قسمة النسخ... بواقع مبلغ (……..) للنسخة... دفع منه مبلغ (……..) عند التوقيع... والباقي يستحق... (بند كارثي يجب إعادة صياغته بالكامل).
(البند الثامن - مدة الحظر - متناقض وخاطئ!) يلتزم الطرف الأول (الناشر!) بعدم إعادة طبع المصنف خلال أجل أقصاه …/ …/ …. ويكون له (للمؤلف!) الحق في ذلك بعد الأجل ولو لم تكن الكمية نفذت... (خطأ في تحديد الطرف + تناقض + مصير النسخ غير المباعة مجهول).
(البند التاسع - الاختصاص القضائي) ... (البند العاشر - نسخ العقد) ...
(الطرف الأول - الناشر) (الطرف الثاني - المؤلف)
(يجب إضافة كارثة: توضيح طبيعة العقد (ترخيص)، إعادة صياغة بند الأتعاب بالكامل (نسبة واضحة + تقارير مبيعات + حق مراجعة)، تحديد مدة معقولة، توضيح مصير النسخ غير المباعة، تحديد التزامات الناشر التسويقية والتوزيعية، تحديد حقوق المؤلف في المراجعة والموافقة، تحديد نطاق الحقوق الممنوحة بدقة (لغة، منطقة، صيغة)، إضافة بند ضمانات المؤلف، الاستناد للقانون 82 لسنة 2002، استشارة محامٍ متخصص قبل أي توقيع).
(انتهت المقالة)