صيغة عقد البيع مع "حق التنازل للغير": هل هو مخرج آمن أم "فخ" المسئولية؟ (6 ألغام قاتلة)
"لقيت شقة بسعر كويس وهمضي العقد ده، ولو لقيت لها زبون تاني هتنازل له عن العقد وأكسب الفرق... البند السابع بيديني الحق ده."
قف هنا! أنت تدخل "مصيدة قانونية" قد تجعلك مسئولاً حتى بعد "الخروج" من الصفقة. أهلاً بك في "فن المرافعة". "عقد البيع بشرط التنازل للغير" (مثل النموذج بالأسفل) يبدو كأداة مرنة للمشتري الوسيط أو المتردد، تسمح له بنقل حقوقه في العقد لشخص آخر.
ولكن الحقيقة الصادمة: هذا العقد، بصيغته الجاهزة، لا يُبرئ ذمة المشتري الأصلي! "التنازل عن الحقوق" لا يعني تلقائياً "نقل الالتزامات". أنت (كمشترٍ أصلي) قد تظل مسئولاً أمام البائع إذا فشل "الغير" (المتنازل إليه) في إتمام الصفقة!
النماذج الجاهزة لهذا العقد هي "فخ قاتل". في هذا المقال، سنقوم بتشريح هذا العقد "الخادع"، وكشف أخطر 7 "ألغام" قانونية فيه، وعلى رأسها "كارثة" المسئولية المستمرة للمشتري الأصلي.
أولاً: فهم "التنازل عن العقد" - حقوق أم التزامات؟ (البند السابع)
البند بيقول: "يحق للطرف الثاني التنازل عن هذا العقد للغير بذات الشروط... وفى حالة التنازل يلتزم الطرف الأول بإقراره وبإتمام العقد النهائي مع المتنازل إليه."
ماذا يعني "التنازل عن العقد" قانوناً؟ يعني "حوالة الحق" (Assignment of Rights). المشتري الأصلي (الطرف الثاني) ينقل "حقه" في شراء العقار إلى شخص ثالث (المتنازل إليه).
الكارثة المفقودة: هل هذا التنازل يشمل أيضاً "نقل الالتزامات" (Delegation of Duties)؟ أهم التزام هو "دفع باقي الثمن" (البند الثالث). العقد ساكت تماماً عن هذه النقطة!
القاعدة القانونية (ما لم يُتفق على غير ذلك): حوالة الحق لا تتضمن تلقائياً حوالة الدين أو إبراء ذمة المحيل (المشتري الأصلي).
النتيجة (فن المرافعة): لو إنت (كمشترٍ أصلي) تنازلت عن العقد لشخص ثالث، وهذا الشخص الثالث فشل في دفع "باقي الثمن" للبائع (الطرف الأول)... البائع من حقه قانوناً أن يرجع عليك "أنت" (المشتري الأصلي) ويطالبك بباقي الثمن أو بالشرط الجزائي! أنت لم تخرج من الصفقة بشكل كامل. أنت مجرد "أدخلت طرفاً جديداً" قد لا يكون ملتزماً مثلك.
نصيحة قاطعة: لا تعتمد على هذا البند كمخرج آمن! الخروج الآمن يتطلب أحد أمرين:
"حوالة دين" صريحة + "موافقة الدائن" (البائع): يجب أن يوافق البائع (الطرف الأول) "كتابةً وصراحةً" على أن يحل "الغير" (المتنازل إليه) محلك في الالتزام بباقي الثمن وأن "تبرأ ذمتك" تماماً. (وهذا نادراً ما يحدث بسهولة).
"عقد جديد ثلاثي" (Novation): إلغاء العقد الأصلي وعمل عقد جديد بين البائع والمتنازل إليه مباشرةً.
أخطر 7 "ألغام" في هذا العقد
1. اللغم الأول (القنبلة النووية للمشتري الأصلي): "المسئولية المستمرة!" (غياب الإبراء في البند السابع) - أخطر لغم!
كما شرحنا: البند السابع يمنحك حق التنازل، لكنه لا يمنحك "براءة الذمة". أنت تظل "ضامناً" للمتنازل إليه في مواجهة البائع.
2. اللغم الثاني: "العقد النهائي" الغامض (البند الثالث، الرابع، الخامس، الثامن)
الخطر: نفس مشكلة العقود السابقة. العقد يربط "باقي الثمن" (3)، "التسليم" (4)، و"إتمام الصفقة مع المتنازل إليه" (5 و 8) بـ "العقد النهائي". لكن ما هو؟ عرفي آخر؟ أم المسجل؟
الحل: التحديد بوضوح: "العقد النهائي المسجل بالشهر العقاري".
3. اللغم الثالث: "آلية إقرار التنازل" (البند السابع والثامن)
البند السابع: يلزم البائع بـ "إقرار" التنازل وإتمام العقد مع المتنازل إليه.
البند الثامن: يهدد البائع بـ "مصاريف دعوى صحة ونفاذ التنازل" لو امتنع.
الخطر: هذا يعني أنك قد تضطر (أنت والمتنازل إليه) لرفع "دعوى قضائية" ضد البائع لإجباره على الاعتراف بالمتنازل إليه وإتمام الصفقة معه. طريق طويل ومكلف.
الحل الأفضل: الحصول على "موافقة مبدئية" من البائع على فكرة التنازل، وتضمين آلية "سلسة" لإخطاره وإقراره (مثل محضر تصديق على التنازل).
4. اللغم الرابع: "المعاينة النافية للجهالة" (البند الخامس) - توريث الفخ!
البند بيقول: "...عاين العقار المبيع المعاينة التامة النافية للجهالة وليس له الرجوع على الطرف الأول بضمان أي عيب قد يظهر..."
الخطر المزدوج:
للمشتري الأصلي: نفس "المقصلة" المعتادة، تتنازل عن ضمان العيوب الخفية.
للمتنازل إليه (الغير): بما أن المتنازل إليه يحل محل المشتري الأصلي "بنفس الشروط" (حسب البند السابع)، فهو يرث هذا "التنازل الكارثي" عن الضمان! المتنازل إليه أيضاً لن يكون له حق الرجوع على البائع بالعيوب الخفية.
الحل: رفض هذا البند أو تعديله جذرياً قبل التنازل.
5. اللغم الخامس (المفقود): "الشرط الجزائي" العام
الخطر: العقد لا يتضمن شرطاً جزائياً واضحاً لمعاقبة الطرف المخل بالتزاماته (البائع لو رفض التسجيل، المشتري الأصلي أو المتنازل إليه لو فشلوا في السداد...). البند الثامن يتحدث عن "مصاريف الدعوى" فقط، وهذا غير كافٍ.
6. اللغم السادس (المفقود): "مصدر الملكية" التفصيلي
الخطر: البند الثاني يذكر مصدر الملكية بشكل عام. يجب ذكر التفاصيل الدقيقة لضمان صحة ملكية البائع.
7. اللغم السابع (المفقود): "مسئولية الضرائب والمصروفات"
الخطر: لم يحدد العقد من يتحمل "ضريبة التصرفات العقارية" ومن يتحمل "مصاريف التسجيل النهائي".
"فن المرافعة" يوضح:
شرط "التنازل للغير" هو أداة للمرونة، ولكنه ليس مخرجاً آمناً للمشتري الأصلي. لا تتنازل عن عقد إلا بعد التأكد من "براءة ذمتك" بموافقة صريحة من البائع، أو بتوقيع عقد جديد يحل فيه المتنازل إليه محلك بالكامل.
نموذج صيغة عقد بيع بشرط التنازل للغير (للاسترشاد بعد فهم الكوارث!)
تحذير كارثي: هذا النموذج يحتوي على "قنبلة موقوتة" للمشتري الأصلي (البند 7 الصامت عن براءة الذمة) وبنود "شديدة الخطورة" (خاصة 5). "فن المرافعة" ينصح بشدة بعدم استخدامه أبداً كما هو والاستعانة "حصرياً" بمحامٍ متخصص لصياغة عقد آمن ومتوازن يوضح كافة الاحتمالات والمسئوليات بدقة.
(نفس الصيغة التي قدمتها في السؤال، مع التأكيد على البنود الخطرة والمفقودة)
عقد بيع بشرط التنازل للغير (نموذج به مخاطر كارثية للمشتري الأصلي!)
إنه في يوم……………. الموافق…/ …/ …. تم تحرير هذا العقد بين كل من: السيد/ ……………. (طرف أول - بائع) السيد/ ……………. (طرف ثان - مشتري أصلي / المحيل المحتمل)
(البند الأول - المبيع) ... (البند الثاني - الملكية) ... (يجب ذكر التفاصيل والتحقق). (البند الثالث - الثمن والدفعات - خطر العقد النهائي!) تم هذا البيع لقاء ثمن قدره (......... جنيه)... دفع منه الطرف الثاني مبلغ (.........) والباقي يدفع عند التوقيع على العقد النهائي... (يجب تعريفه).
(البند الرابع - التسليم - مرتبط بالعقد النهائي الغامض!) يلتزم الطرف الأول بتسليم المبيع فور التوقيع على العقد النهائي وإلا كان للطرف الثاني الرجوع عليه بمبلغ (.........) عن كل يوم تأخير...
(البند الخامس - المعاينة النافية للجهالة - خطر قاتل للمشتري والمتنازل إليه!) قام الطرف الثاني بمعاينة العقار... المعاينة التامة النافية للجهالة وليس له الرجوع على الطرف الأول بضمان أي عيب قد يظهر مستقبلاً. (بند كارثي يجب رفضه).
(البند السادس - ضمانات البائع - ناقصة!) ...
(البند السابع - حق التنازل للغير - لا يشمل براءة الذمة!) يحق للطرف الثاني التنازل عن هذا العقد للغير بذات الشروط... وفى حالة التنازل يلتزم الطرف الأول بإقراره وبإتمام العقد النهائي مع المتنازل إليه. (لا يبرئ ذمة الطرف الثاني!).
(البند الثامن - إخلال البائع بإقرار التنازل) فى حالة امتناع الطرف الأول عن إتمام العقد النهائي أو التنازل، يلزم مصاريف دعوى صحة ونفاذ... (حل ضعيف وبطيء).
(البند التاسع - الاختصاص القضائي) ... (البند العاشر - نسخ العقد) ...
(الطرف الأول - البائع) (الطرف الثاني - المشتري)
(يجب إضافة كارثة: إضافة بند "إبراء ذمة" صريح للمشتري الأصلي بموافقة البائع عند التنازل، أو استخدام عقد جديد (Novation)، تعريف "العقد النهائي" (المسجل)، تعديل جذري لبند المعاينة، إضافة مصدر ملكية البائع، إضافة آلية تسجيل واضحة، إضافة شرط جزائي عام، تحديد مسئولية الضرائب والمصاريف، استشارة محامٍ متخصص قبل أي توقيع أو تنازل).
(انتهت المقالة)